languageFrançais

القصرين: شبح البطالة ينهك أصحاب الشّهادات الجامعية..

This browser does not support the video element.

بابتسامة لا تحجبها ما تخفيه سنين التّعب والانتظار الطّوال، يستقبل حرفائه في مقهى الحي.. وبنبرات حزن جليّة تُسمع بين الكلمة والأخرى، رغم محاولات إخفائها في بيته المتواضع، في حي الزّهور من ولاية القصرين، وهو يرصّف ما ناله من شهادات جامعيّة وتدريبات مهنيّة كثيرة، يروي الأزهر قسّومي 44 سنة حكايته من أروقة الجامعة وصولاً إلى جناحات مقهى شعبيّ، في عمل غير منتظم لا يلبّي من حاجياته وأحلامه إلاّ النّزر القليل.

وقال الأزهر أو "الفرياني" كما يلقّبه أبناء حيّه،  لموزاييك، "إنّه لشعور محزن إلى حدود القهر يرتسم في دواخلي، في كلّ مرّة أجول فيها بين شهادتيَّ الجامعيّتين ووثائقي الجامعيّة، فلا أخرج من الجولة إلّا بألم راكَمته سنين البطالة الممتدّة، وبأحلام تحوّلت تدريجيّاً إلى مجرّد سراب، بمضيّ سنين العمر، دون تحصيل عمل قارّ أو منزل خاصّ أو عائلة..."

الأزهر واحد من آلاف أصحاب الشّهادات الجامعيّة المعطّلين عن العمل في ولاية القصرين الّتي تفتقر لمرافق عمومية وخاصّة قادرة على استيعاب طوابير الباحثين عن الشّغل.

ورغم مساهمته في ثورة 2011 وما تلاها من تحرّكات اجتماعية رفعت شعارات التّشغيل كأوليّة، لم تنل إلاّ الجحود والوعود وتأبيد الأزمات المستفحلة، بتذيّلها لجلّ المؤشّرات الاقتصاديّة، وفق المعهد الوطنيّ للإحصاء.

ووصف الوضع في ولاية القصرين بالمتدهور في جميع المجالات، وخصوصا فيما يتعلّق ببطالة أصحاب الشّهادات، وبضيق فسحة الحلم في صفوفهم، بعد رفض قانون تشغيل أصحاب الشهادات العليا الّذين طالت بطالتهم، عقب موافقة البرلمان المنحلّ على سنّه، إثر تحرّكات احتجاجيّة ساهم فيها الأزهر في القصرين وفي العاصمة، على مضيّ السّنوات المنقضية.

"لتوفير حاجياتي، لجأتُ إلى العمل في مقهى الحيّ،  بشكل غير منتظم.. ورغم احترام الزبائن لي كنادل حامل لشهادتين جامعيّتين، فإنني لم أدرس من أجل هذا الشّغل... كلامي هذا لا نفع منه، فالدّولة لا تعيرنا أي اهتمام"، هكذا ختم الأزهر حديثه لموزاييك.

وإثر انتهاء ساعات عمله يجلس "الفرياني" في المقهى نفسه مع رفاقه في حي الزهور، ذلك الحي الّذي رفع عالياً سقف الانتظارات ومطالب الكرامة الوطنية في شتاء 2011، في انتظار أن تتحوّل الشّعارات إلى منجز، والبؤس المستفحل في الأنهج والعيون إلى فرح ونماء...

 

*برهان اليحياوي